الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 18 / مايو 17:02

خليل المرح ومشعل العطاء/ بقلم: مارون سامي عزّام

كل العرب
نُشر: 23/02/14 16:33,  حُتلن: 08:08

 خليل المرح ومشعل العطاء .. لذِكرى رحيل خليل أسعَد مشيعل (أبو سهيل)

رَحيل زوجته الفاضلة أم سُهيل، كان ضربة قاسية لأبي سهيل، قَلَبَت كل موازينه اليوميّة، فأَسَره القَدَر في معتقل الأحزان، ولم يستطِع أن يبقى في عُزلةٍ لمدّة طويلة، رغم أن أقاربه لم يفارقوه للحظةً واحدة، لكنّه رفض تمامًا حصار الفراق والقَهر والألم، الذين احتلّوا مساحات أوقات فراغه الشّاسعة، فطلب من القَدَر أن يفكَّ أسره من هذا المعتقل المفزع... فأخرجه إلى دنيا الفرح الأزلي، حيث كان مشتاقًا لملاقاة أرواح زوجته وإخوته في السّماء.

كان همَّه الأول والأخير عائلته، فغرس فيها بذور حبِّه وحنانه، فأزهرت بأجمل ورود الوفاء والإخلاص له، الملوّنة بمحبّة أبنائه له، والأهم بمحبتهم لبعض... الملوّنة بتلاحمهم الأخوي. كان عطاؤه الأُسري غير المحدود، شعلةً أساسيّة في عالمه، فخيَّم وهجها على كل من حوله، وخصوصًا على أحفاده، فضمن لهم مستقبلاً مشرقًا بالأمل، ساندهم معنويًا وماديًا قَدْر استطاعته، حقَّق أمنيته بأن يراهم سُعداء، غير محتاجين، لأنهم كانوا بالنسبة له أثمن إرثٍ إنسانيّ.
إن خليل كان خليل المرح، مع أنه عشِقَ ملازمة الحياة المليئة بالنشاطات السّياسية والاجتماعية، لأنها جزء من حياته العامّة التي وهبها لخدمة أهل بلده ومجتمعه، ولكنّه من جهة ثانية دأب على معرفة أي حدث أو مناسبة صغيرةٍ كانت أو كبيرة تحدث في البلد، فشارَك الجميع أفراحهم وأتراحهم... واحترمته الطوائف الثّلاث.
كان حاضرًا ومشاركًا فعليًّا في أي حدَثٍ عائلي، فأحب ليالي الملاح، التي ملأته بروح الشّباب الدّائم، فهذه المناسبات الخاصّة، كانت في سلّم أولويّاته، كان مستعدًّا لأي مساهمة منه، كان يمد يد المساعدة لأي فردٍ في العائلة، ولم يبخل بها عليهم، لأنها قَدّرته عاليًا، ولم تتخلَّ عنه، بل كرّمته باحترامها له ولمركزه ولمجهوده.
طبيعته أحبّت العمل الجماعي، لم يكترث لصخب الحياة... لم يرتاح يومًا... لم يتذمّر من أي طارئ، لأنّه جابه تحدّيات الزّمن بعقلانية، دون انفعال. بودّي أن أذكُر أنه كان ضيفًا محبوبًا بيننا، لطيف المعشَر، خفيف الظِّل، استمتعنا بأحاديثه الطّريفة التي لا تنتهي، فشَعَرنا أنّه يفتخر دائمًا بوجودنا في معظم أفراحه، لأنه اعتبرنا ركنًا هامًّا من أركان عائلته.
كانت الحيويّة تنساب من ملامحه، ومن عينيه تُشع الفطنة، عاركَ الظّروف السّياسيّة، لم يقبل يومًا الرّضوخ لإملاءات القيادة السياسية للدّولة... خَدَم أهل بلده ومجتمعه بتفانٍ، كما عمِلَ الكثير في سبيل مساعدة الفقراء والعمّال، ولم يَرضَ بالظُّلم، فحارب التمييز الخدماتي ضد العرب بكل الوسائل النّضالية المتاحة أمامه.
عندما كنت ألتقي به كنت أتبادل معه أطراف الحديث الذي اتّسم بالدُّعابة والمزاح، فكانت السَّعادة الكبرى تلامس محيّاه، عندما كان يخبرني أنّه يتابع ما أكتبه في الصُّحف من مواضيع متنوّعة، وخصوصًا عندما أنشر مقالاً عشقيًا، إن هذا دليل اهتمامه بالقراءة، كنوعٍ من الترويح عن النَّفس.
حملت الآخرة روح خليل على أجنحة الأبديّة، وفي المحطّة الأخيرة، التقى مع شريكة عمره مجدَّدا، وعادت روحها تُحلّق في ملكوت الخلود، وأقام له أبناؤه وبناته صلوات الترحُّم عليه في معبد ذاكرتهم، من أجل أن تبقى روحه الخالدة تعبق بذكرياتهم معه مدى الدَّهر، تخليدًا لذكراه.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة