الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 12:02

المسافة بين جاكرتا وفرنسا/ بقلم: د. هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 08/03/16 21:18,  حُتلن: 08:00

د. هاني العقاد في مقاله: 

كل ما جاء في إعلان جاكرتا كان داعما للحق الفلسطيني وداعما للتحرك الرسمي للقيادة الفلسطينية 

دعا الجميع الى مقاطعة المنتجات الاسرائيلية التي تنتج داخل مستوطنات الضفة الغربية ولم يغب عن بال المؤتمرون موضوع المصالحة الفلسطينية وضرورة إنجازها لتقوية الجبهة السياسية الفلسطينية

كفلسطينيين نعرف أن إعلان جاكرتا قال أن لا مسافة بين جاكرتا وفرنسا والتقي مع كل الطموحات الدولية الحالية التي تعبر عنها فرنسا والتي قد تفضي لقرارات دولية هامة على صعيد إنهاء الاحتلال الاسرائيلية ووقف كافة ممارساته العنصرية التدميرية التهويدية

تتشابك تعقيدات المشهد السياسي الفلسطيني يوما بعد اخر بسبب العديد من العوامل الخارجية والداخلية وأولها إنسداد الافق السياسي للعملية السلمية بسبب تجاهل واشنطن لكل مسببات الصراع وعدم الإقرار بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإستخدام ضغط أمريكي نافع لتحقيق ذلك وبسبب غياب الدور الأوروبي والإسلامي لخلق مسار جدي لإنهاء الاحتلال وتطبيق حل الدولتين وهذا ما جعل اسرائيل تستغل حالة الغياب وإعتبارها صمتا إيجابيا اتجاه ما تمارسه من جرائم بحق الشعب المحتل، وثانيها الإنقسام الفلسطيني وما لإستمرار ذلك من اثر مخيف على سلامة مسيرة النضال الفلسطيني والإنتباه والإهتمام الدولي للحقوق الفلسطينية، الجديد في ظل ذلك كله أن اسرائيل بدأت تتحدث علنا عن إنهيار السلطة الفلسطينية وتفكيكها وهناك من يقول أن قطار إنهيار السلطة قد غادر المحطة في إشارة الى سيناريو مخيف تحاول اسرائيل تطبيقه من خلال الحفر هي ووكلائها تحت جدار نواة الدولة والمحطة الأولى للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، أمام هذا يأتي عقد مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي في جاكرتا مؤتمرها الإستثنائي الخامس بهدف بحث حلول لكافة التحديات التي تواجه الأمة العربية وأولها تحدي اسرائيل لكل مسلمي العالم بمواصلتها سرقة الارض والإستيطان وتهويد القدس وطمس هويتها الفلسطينية العربية الاسلامية المسيحية.

يأتي المؤتمر بعد قراءة دقيقة لخارطة الفعل السياسي الأمريكي بشأن الصراع والذي يظهر عجز أمريكي تام عن تقديم أي حلول للصراع الطويل او بالأحرى أن واشنطن لا تنوي فعل ذلك لان الكيان نفسه لا يريد أن ينهي الصراع بالطريقة التي تحقق دولة فلسطينية كاملة السيادة على الارض الفلسطينية وواشنطن أصبحت ترغب بقاء الصراع لتبقي المنطقة في صراع، وأعتقد انه من صالح الدولتين ايضا أن تبقي المنطقة في صراع داخلي بتعد عن الإشتباك المباشر مع اسرائيل حتى يتم تنفيذ مخطط التقسيم الكبير للدول المحيطة بإسرائيل، إعلان جاكرتا اليوم جاء بالفعل داعما لكل الجهود الفرنسية التي تقودها فرنسا منذ فترة طويلة بهدف عقد مؤتمر دولي لبحث القضية الفلسطينية وجاء كل ذلك الدعم لإدراك المؤتمرون أن بقاء الوضع على ما هو عليه قد يشعل مزيدا من النار في كل مكان، ولان فرنسا أيضا هذه المرة تتحرك بقوة دفع أوروبية وعربية بعد فقدان هذه الدول للثقة الأمريكية والتي والتأكد أن واشنطن عندما تتحدث عن حل الصراع فإن حديثها لا يعدو أكثر من حقن تحت الجلد تزول مفعولها بزوال المؤثر.

كل ما جاء في إعلان جاكرتا كان داعما للحق الفلسطيني وداعما للتحرك الرسمي للقيادة الفلسطينية وقد أكد البيان الختامي على تقديم الدعم المطلوب والمتواصل من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام يؤسس لمسار دولي جماعي جديد من أجل النهوض بالجهود الرامية لتحقيق حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967 وفقا لجدول زمني واضح ومحدد وطبقا للمرجعيات المعترف بها دوليا بما في ذلك مبادرة السلام العربية، كما أكد الإعلان على إعادة تفعيل صندوق القدس وتوسيع المشاركات فيه، وأكد على ضرورة توحيد الجهود من أجل صون حرمة مدينة القدس الشريف وحماية مقدساتها وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لدولة فلسطين، ووضع حد لكل الإستفزازات المستمرة لمشاعر المسلمين في سائر أرجاء العالم، ودعا الجميع الى مقاطعة المنتجات الاسرائيلية التي تنتج داخل مستوطنات الضفة الغربية، ولم يغب عن بال المؤتمرون موضوع المصالحة الفلسطينية وضرورة إنجازها لتقوية الجبهة السياسية الفلسطينية، كما أكد البيان على دعم جميع جهود السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود التي تهدف الى الدفاع عن الأماكن الاسلامية المقدسة في مدينة القدس من خلال تقديم دعمها السخي والمستمر للمدينة ومؤسساتها وسكانها.

كفلسطينيين نعرف أن إعلان جاكرتا قال أن لا مسافة بين جاكرتا وفرنسا والتقي مع كل الطموحات الدولية الحالية التي تعبر عنها فرنسا والتي قد تفضي لقرارات دولية هامة على صعيد إنهاء الاحتلال الاسرائيلية ووقف كافة ممارساته العنصرية التدميرية التهويدية، وحدد الإعلان نقطة الإلتقاء بين المجموع الإسلامي والعربي والمجموع الأوروبي الذي تتزعمه فرنسا من أجل وقفة تاريخية تعيد الأمن والإستقرار للمنطقة الذي سلبه الاحتلال الاسرائيلي من خلال تطبيق حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية وحل عادل لكل قضايا الصراع، وما بات مهما الان أن تسرع فرنسا في إجراءات عقد المؤتمر الدولي للسلام بعد هذا الدعم الكبير للتوجه الفرنسي وخاصة أن اسرائيل وأمريكا يحاولان تخريب هذا المؤتمر من خلال طرح بعض المبادرات الوهمية لإعادة الطرفين لطاولة المفاوضات، أمام كل هذا يجب أن تسارع دول العالم بدعم التوجه العربي والإسلامي ايضا وإستصدار قرار من مجلس الأمن يفضي لوقف الإستيطان المتغول في الارض الفلسطينية ويعتبر كل ما بني من مستوطنات بعد عدوان العام 1967 غير شرعي يتوجب ازالته، ولعل القدس كانت تتوسط المسافة بين جاكرتا وفرنسا لما لها من قداسة عند جموع المؤتمرون، وما بات مهما هنا أن نتساءل هل يكون إعلان جاكرتا كغيره من القرارات ..؟ وتكتفي دول منظمة التعاون بدعم التوجه الفرنسي دون دور فاعل وحقيقي من خلال برتوكول سياسي مشترك ينجز المؤتمر، وبقاء دعم الدول الاعضاء في القدس وأهلها ماليا عبر صندوق القدس حبرا على ورق، وإعلان الدول الاعضاء تحريم التعامل مع المنتجات والشركات الإسرائيلية مجرد بروبوغندا لا أكثر ولا اقل، الايام هي التي تشهد والقدس هي التي تتحدث والمؤتمر الدولي للسلام يبرهن أن المسافة بين باريس وجاكرتا كانت صفر.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة