الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 15:01

لماذا اطلق فرينج الناصرة اسم ابو كمونة على بخيل موليير؟/ بقلم: ناجي ظاهر

ناجي ظاهر
نُشر: 17/08/19 17:30,  حُتلن: 20:25

اعلن "مسرح انسمبل فرينج – الناصرة"، قبل فترة عن شروعه العمل على انتاج مسرحيته الجديدة" ابو كمونة"، المؤسسة على مسرحية الكاتب المسرحي الفرنسي الشهير جان باتيست بوكلان- الملقب بـ موليير( 1622- 1673)، وذكر في اعلانه هذا انه سيشارك بمسرحيته هذه في "مهرجان المسرح الاخر في عكا"، في ايلول القريب.

يعيدنا هذا الاعلان ضمن هزة شبه نوستالجية، الى بدايات المسرح العربي في الخارج، والى بداياته في بلادنا بعد قيام اسرائيل، ففي الحالة الاولى يعيدنا الى مارون النقاش، ( المثقف والتاجر اللبناني المعروف)، احد الرواد المسرحيين العرب الكبار، ومبادرته عام 1847، لإخراج هذه مسرحية (البخيل) وعرضها في بيته، وفي الداخل هنا في بلادنا، يعيدنا الى "المسرح الحديث"، الذي تأسس في الناصرة في اواسط الستينيات وكانت البخيل من اوائل المسرحيات التي بادر لإنتاجها وعرضها على الجمهور الواسع، في قاعة المركز الثقافي البلدي في الناصرة، وما زال كاتب هذه السطور يتذكر ان الفنان منصور اشقر، ابن الناصرة، ادى دور البخيل هاربغون في هذه المسرحية، وبقي بعدها متقمصا دوره هذا، خلال تجواله في شوارع بلدته.. فترة ليست قصيرة.
جاء في اعلان الفرينج المذكور: " في مشكلة؟ المسرحية مش ماشية، لازم نعمل تغييرات...!!! "، البخيل الى اين؟! هذا ما يعلنه المنتج والمخرج لفرقة الكوميديا " دي لارتي " في اوج المراجعة العامة، وذلك بيوم واحد، قبل العرض الأول امام الجمهور لمسرحية " البخيل " لموليير . من هنا يبدأ صراع القوى بين المخرج الذي يطمح لإنتاج مسرحية تجارية مع تفادي فشل تجاري آخر، وبين الممثل الرئيسي الذي يؤدي دور البخيل ويحاول بدوره، بكل قواه ان يحافظ على تقاليد المسرح الكلاسيكي بكل مركابته".
تتأسس مسرحية "ابو كمونه"، كما سلف، على رائعة البخيل للأديب الفرنسي موليير، وهي من أشهر أعماله على الإطلاق، ومعروف انه كتبها وهو في الخامسة والاربعين من عمره، وتم عرضها عام 1668، قبل وفاته بحو الخمسة اعوام، وتتناول المسرحية حياة البرجوازي الغني هاربغون الذي يشتهر بالبخل الشديد وتجميع الثروة باخلًا على أسرته التي عانت منه، لكن في النهاية تنهزم ثروته امام الحب والسعادة التي لا تقدر بثمن.

 

تنتمي مسرحية ابو كمونة في صيغتها الجديدة الى مسرح الاقنعة، وهي من اخراج مسرح الفرينج، تنفيذ ملابس: حنان احمد مديرة انتاج : سهاد ابو احمد - هادية، مرافقة فنية: هشام سليمان، تمثيل: صبحي حصري، ربيكا تلحمي/رحيق حاج يحيى - سليمان، طارق شقو روقرمان قرمان".
السؤال الذي يُطرح، ازاء هذا الاحتفال الذي حظيت به مسرحية البخيل في مسرحنا العربي الحديث، ( وفي مسارح شتى في اصقاع مختلفة من عالمنا)، هو: ما السبب في اختيار النقاش لها وبعده المسرح الحديث في الناصرة، وها هو مسرح ناشط اخر في الناصرة ايضا، يبادر لإنتاج هذه المسرحية؟

في الاجابة على هذا السؤال، يفترض ان نعود الى جانبين، فيما نرى، الاول ذاك الذي يتعلق بمؤلفها ومجتمعه المحيط به في القرن السادس عشر، والثاني المسارح التي بادرت لإنتاجها، علما اننا لم نشر الا الى القلة القليلة منها وذلك على سبيل التذكير وليس الاحصاء، فيما يتعلق بالشق الاول ذكرت بعض المصادر ان موليير اراد في مسرحيته هذه ان يسلط الضوء على ظاهرة عانى منها المجتمع الفرنسي، في حينها، وانه اراد التخفف من مشاعر شخصية تمثّلت في والده "البخيل"، الذي اراد اثناءه عن السير في طريق الفن والمضي دون رغبة منه في طريق دراسته القانون. اما فيما يتعلق بالشق الثاني لا بد من الاشارة الى ما اتصفت به مجتمعاتنا العربية من التهافت على المال، ممثلا بالشحاحة والبخل، في عصرنا الحديث خاصة، ويمكننا ضمن عودة نوستالجية اخرى، الاشارة الى مؤلّف " البخلاء"، الخالد في ادبنا العربي القديم، لابي عثمان بن بحر الجاحظ.

في العودة الى اختيار الفرينج النصراوي انتاج هذه المسرحية، يمكننا تقديم الاجابة المناسبة على ما اعتقد وارى، فاذا ما نفّذنا هذه العودة، ماذا ترنا نرى؟ لقد اعلن الفرينج خلال سنوات وسنوات، نافت على العقد، هي عمره، انه مسرح شعبي، تهمه العلاقة بجمهوره، ويحرص على تنميتها بإثارته قضايا يومية ملحة يعاني منها وتتسبب لأبنائه بالكثير من المضايقة والازعاجات، ويمكننا في هذا الاطار ان نشير الى واحدة من مسرحياته التي انتجها وقدمها في العام الماضي، ونقصد بها مسرحية " شيك على الطريق"، التي تتعرض بفنية ورقي ابداعي، لا يخلو من حس كوميدي ساخر وعميق، لظاهرة التهافت على المال. اما اطلاق اسم ابو كمونة، بدلا من البخيل، على مسرحية موليير، فانه يقدّم الدلالة على كل ما نقصده ونقوله.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


مقالات متعلقة